المملكة المتحدة تعتمد الحكم الذاتي أساسًا لحل نزاع الصحراء المغربية: قراءة تحليلية للموقف والتداعيات
دعم واضح لمصداقية المغرب
الرباط | برق المغرب24
في تحول دبلوماسي لافت، أعلنت المملكة المتحدة رسميًا، عبر بيان مشترك بين وزير خارجيتها ديفيد لامي، ونظيره المغربي ناصر بوريطة، دعمها الكامل لمبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب عام 2007، معتبرةً إياها “الحل الأكثر مصداقية وواقعية وعملية” لتسوية النزاع المستمر في الصحراء المغربية. هذا الموقف يأتي في سياق تحولات إقليمية ودولية تلقي بظلالها على مستقبل النزاع وأدوار الأطراف الفاعلة فيه.
أولًا: خلفية الموقف البريطاني
لطالما اتسم الموقف البريطاني تاريخيًا بالحذر والحياد النسبي تجاه ملف الصحراء المغربية، متجنبًا الانحياز المعلن لأي طرف، ومؤكدًا على دعم جهود الأمم المتحدة. لكن الإعلان الأخير يمثل تحوّلاً نوعيًا، يضع لندن في خانة المؤيدين صراحةً للمبادرة المغربية.
هذا التحول جاء نتيجة تراكم عدة عوامل:
- تنامي العلاقات الثنائية المغربية البريطانية بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (Brexit)، ما دفع لندن للبحث عن شركاء استراتيجيين في شمال إفريقيا.
- الدور المغربي المتزايد في ملفات الأمن الإقليمي، خصوصًا مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية، وهو ما ينسجم مع أولويات السياسة البريطانية.
- إدراك لندن للدينامية التنموية في الأقاليم الجنوبية المغربية، والتي عززت من واقع التنمية والاستقرار في هذه المناطق، مقابل انعدام الدعم للأطروحات الانفصالية.
ثانيًا: دلالات الموقف البريطاني
1. دعم واضح لمصداقية المغرب
يُشكل الموقف البريطاني دعمًا صريحًا للسيادة المغربية على أقاليمه الجنوبية، ويرسل رسالة قوية بأن الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو الإطار العملي الوحيد لحل النزاع، متماشيًا بذلك مع مواقف دول أوروبية كألمانيا وإسبانيا.
2. تعزيز الاستقرار الإقليمي
يأتي الموقف البريطاني في سياق دعم الاستقرار في منطقة شمال إفريقيا، انطلاقًا من قناعة بأن حل النزاع يسهم في تقليص التوترات ويفتح الباب أمام التعاون الاقتصادي والتنموي.
3. تشجيع التعاون الاقتصادي
من خلال إشارة البيان المشترك إلى دور هيئة التمويل التصديري البريطانية (UK Export Finance) في دعم مشاريع تنموية في الصحراء المغربية، فإن لندن تربط موقفها السياسي برؤية اقتصادية استثمارية واضحة، تستهدف الاستفادة من الفرص التنموية الواعدة في الأقاليم الجنوبية.
ثالثًا: التأثيرات المحتملة
1. على المستوى الدولي
يمثل الموقف البريطاني عنصر دفع إضافي لمبادرة الحكم الذاتي المغربية، ما يعزز مكانتها داخل أروقة الأمم المتحدة والدوائر الدبلوماسية الغربية. كما يُتوقع أن يشجع دولًا أوروبية أخرى على اتخاذ مواقف مشابهة، ما قد يساهم في تقليص الدعم للأطروحات الانفصالية.
2. على العلاقات المغربية البريطانية
هذا الموقف يعزز الشراكة الاستراتيجية بين المغرب وبريطانيا، في ملفات الأمن، والطاقة المتجددة، والابتكار، والتجارة، وهو ما قد ينعكس إيجابًا على مشاريع كبرى، خصوصًا في الأقاليم الجنوبية.
3. على التوازنات الإقليمية
يُرجح أن يُسهم هذا الموقف في إعادة رسم مواقف بعض الدول المغاربية، وستجد بعض الدول نفسها معزولة نسبيًا في حال استمرار تحول المواقف الأوروبية لصالح المغرب.
يمثل الموقف البريطاني تحولًا نوعيًا يعكس التقدير المتزايد لمبادرة الحكم الذاتي المغربية، ويدعم مسار التسوية السلمية الواقعية. ويُعد هذا الموقف انتصارًا دبلوماسيًا مهمًا للمغرب في سياق صراع إقليمي ودولي طويل الأمد.